الحب مشاعر جميلة تجتاح القلوب وتسكن فيها بلا إستئذان وتتلاقى المشاعر الصادقة لترسم أجمل صور الوفاء والإخلاص والحب، ومع بداية شهر نوفمبر من كل عام نجد الدعوات للإحتفال بما يسمى بعيد الحب، ونجد العالم من حولنا إصطبغ باللون الأحمر..
فهل الحب بحاجة إلى يوم معين للإحتفال به بين المتزوجين؟
وهل هو الأساس الوحيد في العلاقة الزوجية الناجحة؟.. وكيف يرى المتزوجون عيد الحب؟
فمن المعروف على عكس ما تحاول وسائل الإعلام المختلفة إقناعنا به، أن الصلة بين الزوجين صلة مودة ورحمة وليست علاقة عشق وهيام وصبابة وغرام، فهي صلة محبة هادئة -مودة- وصلة رحمة متبادلة، لا أوهام عشقية لا تثبت على أرض الواقع، ولا خيالات غرامية لم يقم عليها أي زواج ناجح..
وهو ما أكده عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما قال مخاطبًا النساء: إذا كانت إحداكن لا تحب الرجل منا فلا تخبره بذلك، فإن أقل البيوت ما بني على المحبة وإنما يتعاشر الناس بالحسب والإسلام.
* وتقول هبة حسين 30 عاما: أنا متزوجة منذ 3 سنوات، ولم أتذكر في مرة أن قام زوجي بتهنئتي بهذه المناسبة، وأنا أيضا لايفرق هذا الأمر معي، فما الذي يعود عليّ من تهنئة وهدية في يوم معين، وهو لايحسن تعامله معي، ولايقدرني؟!. سيكون الأمر بمثابة تمثلية هزيلية.
* الأمر لايختلف كثيرا مع شيرين محمد 28 عاما، فتقول: منذ أن تعرفت على زوجي في أيام الخطوبة وأنا لا أعرف عيد الحب إلا من خلال المظاهر العامة في الشوارع والمحلات، والهدايا التي يحملها الشباب والشابات في هذا اليوم، وأتذكر أنني بعد الزواج قلت لزوجي في هذا اليوم كل سنة وأنت طيب بمناسبة عيد الحب، ضحك ساخرا مني، وقال لي وده بيتعمل له كعك أم يؤكل فيه لحم!.
* أما نسرين إبراهيم 25 عاما فتقول: الحمد لله لي معزة وتقدير في قلب زوجي، ولكن مثل هذا اليوم لايمثل لي أو له شئ، هو يعبر عن مشاعره طوال العام والأهم أن حسن المعاشرة، تعمل على زيادة حبه بداخلي، فنحن لسنا بحاجة لهذا اليوم.
= جذور وثنية:
ويقول الباحث الإسلامي حسين جلال عن نظرة الإسلام تجاه عيد الحب: إن التعبير عن الحب ينبغي أن لا يرتبط بيوم، وعلينا ألا نقلد ولا نتبع النصارى، فعيد الحب من أعياد الرومان الوثنيين، إذ كانت الوثنية سائدة عند الرومان قبل ما يزيد على سبعة عشر قرنا، وهو تعبير في المفهوم الوثني الروماني عن الحب الإلهي ولهذا العيد الوثني أساطير إستمرت عند الرومان، وعند ورثتهم من النصارى فعلينا الإعتزاز بديننا.
قال تعالى في كتابه العزيز: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [المائدة:51].
فأصل هذا العيد عقيدة وثنية عند الرومان يعبر عنها بالحب الإلهي للوثن الذي عبدوه من دون الله تعالى فمن إحتفل به فهو يحتفل بمناسبة شركية تعظم فيها الأوثان، قال تعالى: {إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار} [المائدة:72].
لذا فإن هذا العيد ليس له أصل في الإسلام، وقد حرمه أغلب علماء الدين، فأعياد المسلمين ثابتة ومعروفة ولا يعد عيد الحب واحدًا منهم فعلى الأهل أن يمنعوا أولادهم من الإحتفال به لأن فيه مفسدة لأخلاقهم.
= عيد بدعي:
وعندما سئل الشيخ ابن عثيمين عن حكم الإحتفال بعيد الحب قال: الاحتفال بعيد الحب لا يجوز لوجوه:
*أنه عيد بدعي لا أساس له في الشريعة.
*أنه يدعو إلى العشق والغرام.
*أنه يدعو إلى إشتغال القلب بمثل هذه الأمور التافهة المخالفة لهدي السلف الصالح رضي الله عنهم.
فلا يحل أن يحدث في هذا اليوم شيء من شعائر العيد سواء كان في المآكل، أو المشارب، أو الملابس، أو التهادي، أو غير ذلك.
وعلى المسلم أن يكون عزيزا بدينه وأن لا يكون إمعة يتبع كل ناعق، أسأل الله تعالى أن يعيذ المسلمين من كل الفتن ما ظهر منها وما بطن.
= الحب طوال العام:
ومن جانبه يقول د. السيد حنفي أستاذ علم الاجتماع: إن مصطلح الحب مفهوم قيمي للمثل العليا في العلاقات الإنسانية بشرت به الأديان السماوية ليسود السلام بين الناس والمجتمعات الانسانية على الأرض تربط بينهم العلاقات السامية للحب، والتى تبدأ من لحظة الميلاد فيظهر حب الأم لابنها والأبناء لأمهاتهم وآبائهم، وقد حددت التشريعات السماوية علاقة الحب فى البناء الأسري.
ويضيف: إن المعاملة إذا قامت على قيم أخلاقية كما أكد الاسلام أن الدين المعاملة فيسود الحب والسلام بين الناس، ويرتبط الحب أيضا بالوفاء والولاء طوال العام وليس مقصورا على يوم واحد في العام.
الكاتب: بدرية طه.
المصدر: موقع رسالة المرأة.